بسم الله الرحمن الرحيم اربع من كن فيه
كان منافقا خالصا
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين,,,,,
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه
خصلة من النفاق حتى يدعها : إذا اؤتمن خان ، وإذا حدث كذب ، وإذا عاهد غدر
، وإذا خاصم فجر [زاد في الخصومة على حد الشرع ، فلم يكتف بمقابلة السيئة
بمثلها على سبيل المثال .] متفق عليه .
النفاق أساس الشر ، وهو أن يظهر الخير ، ويبطن الشر . هذا الحد يدخل فيه
النفاق الأكبر الاعتقادي ، الذي يظهر صاحبه الإسلام ويبطن الكفر ، وهذا
النوع مخرج من الدين بالكلية ، وصاحبه في الدرك الأسفل من النار .
وقد وصف الله هؤلاء المنافقين بصفات الشر كلها : من الكفر ، وعدم الإيمان ،
والاستهزاء بالدين وأهله ، والسخرية منهم ، والميل بالكلية إلى أعداء
الدين ، لمشاركتهم لهم في عداوة دين الإسلام . وهم موجودون في كل زمان ،
ولا سيما في هذا الزمان الذي طغت فيه المادية والإلحاد والإباحية .
والمقصود هنا : القسم الثاني من النفاق الذي ذكر في هذا الحديث ، فهذا
النفاق العملي - وإن كان لا يخرج من الدين بالكلية - فإنه دهليز الكفر ،
ومن اجتمعت فيه هذه الخصال الأربع فقد اجتمع فيه الشر ، وخلصت فيه نعوت
المنافقين ، فإن الصدق ، والقيام بالأمانات ، والوفاء بالعهود ، والورع عن
حقوق الخلق هي جماع الخير ، ومن أخص أوصاف المؤمنين . فمن فقد واحدة منها ،
فقد هدم فرضا من فروض الإسلام والإيمان ، فكيف بجميعها ؟
فالكذب في الحديث يشمل الحديث عن الله والحديث عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم الذي من كذب عليه متعمدا فليتبوأ مقعده من النار وَمَنْ أَظْلَمُ
مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ
ويشمل الحديث عما يخبر به من الوقائع الكلية والجزئية . فمن كان هذا شأنه
فقد شارك المنافقين في أخص صفاتهم ، وهي الكذب الذي قال فيه النبي صلى الله
عليه وسلم : إياكم والكذب ، فإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي
إلى النار ، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا ومن
كان إذا ائتمن على الأموال والحقوق والأسرار خانها ، ولم يقم بأمانته ،
فأين إيمانه ؟ وأين حقيقة إسلامه ؟ وكذلك من ينكث العهود التي بينه وبين
الله ، والعهود التي بينه وبين الخلق متصف بصفة خبيثة من صفات المنافقين .
وكذلك من لا يتورع عن أموال الخلق وحقوقهم ، ويغتنم فرصها ، ويخاصم فيها
بالباطل ليثبت باطلا ، أو يدفع حقا . فهذه الصفات لا تكاد تجتمع في شخص
ومعه من الإيمان ما يجزي أو يكفي ، فإنها تنافي الإيمان أشد المنافاة .
واعلم أن من أصول أهل السنة والجماعة : أنه قد يجتمع في العبد خصال خير
وخصال شر ، وخصال إيمان وخصال كفر أو نفاق . ويستحق من الثواب والعقاب بحسب
ما قام به من موجبات ذلك وقد دل على هذا الأصل نصوص كثيرة من الكتاب
والسنة ، فيجب العمل بكل النصوص ، وتصديقها كلها . وعلينا أن نتبرأ من مذهب
الخوارج الذين يدفعون ما جاءت به النصوص : من بقاء الإيمان وبقاء الدين ،
ولو فعل الإنسان من المعاصي ما فعل ، إذا لم يفعل شيئا من المكفرات التي
تخرج صاحبها من الإيمان . فالخوارج يدفعون ذلك كله ، ويرون من فعل شيئا من
الكبائر ومن خصال الكفر أو خصال النفاق خارجا من الدين ، مخلدا في النار .
وهذا مذهب باطل بالكتاب والسنة ، وإجماع سلف الأمه[/size]
[/center]
[/center]